نظم المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية حلقة نقاشية مصغرة حول الانتخابات الامريكية 2020 واجندة السياسة الخارجية لكل من ترامب وبايدن تجاه الشرق الاوسط، من خلال تقنية الاتصال المرئي عبر برنامج الزووم، وهي ورقة قدمها الدكتور خالد هاشم المستشار في المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، وادار الجلسة الدكتور غازي فيصل مدير المركز العراقي، وبمشاركة كل من الدكتور الناصر دريد والدكتور خالد عبد الاله مستشارا المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية ايضا، واشار الباحث الى ان الفرضية الاساسية التي بنيت عليها الورقة، هي ان منطقة الشرق الاوسط قد تراجعت اهميتها الاستراتيجية نسبيا لدى صانع القرار الامريكي ومنذ ومدة ليست بالقصيرة، وهذا لا يعني ان الولايات المتحدة ستتخلى عنها نهائيا او تغادرها بالكامل، وانما يعني ان اهميتها على مستوى العالم تراجعت الى مرتبة ثالثة او حتى رابعة بعد اوروبا ومنطقة اسيا وامريكا اللاتينية.
ثم تطرق الباحث الى اهم العوامل والمتغيرات التي ساهمت في تقليل ذلك التراجع الامريكي نحو منطقة الشرق الاوسط كانخفاض الطلب على النفط لدى الولايات المتحدة، ولتوجهات الرأي العام الامريكي الذي لم يعد متحمسا ايضا للتدخل الامريكي في منطقة الشرق الاوسط، اضافة الى التوجه نحو اسيا والتخوف الامريكي من تصاعد النفوذ الصيني بتلك القارة الاسيوية، ومن أن يؤدي ذلك للحد من نفوذها في القارة، أواستبعادها من التفاعلات التي تقودها الصين لاعادة ترتيب اسيا، وهو ما يتطلب اعادة توزيع درجة الاهتمام والامكانات الاستراتيجية الامريكية بعيدا عن الشرق الاوسط وقريبا من اسيا.
واخيرا تناول الباحث اهم الملفات الخطيرة والمعقدة في منطقة الشرق الاوسط ومدى التباين او الاتفاق ما بين المرشحين الرئاسيين دونالد ترامب وجو بايدن تجاهها وهي ملف الحروب والصراعات في الشرق الاوسط، والملف الايراني، والملف التركي، واخيرا ملف الصراع العربي الاسرائيلي.
وفي الخاتمة اشار الباحث الى انه وأيًا كان المرشح الذي سيقع اختياره لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية في انتخابات 2020، لن يكون الشرق الأوسط هو محور اهتمامه الرئيسي. بل على عكس ذلك تماما، من المتوقع أن تركز الولايات المتحدة على إدارة الأزمة التي خلفتها جائحة كوفيد-19 على الصعيد الداخلي. أما فيما يخص السياسة الخارجية، سيحتل الشرق الأوسط مرتبة متراجعة في الترتيب.
وفي مداخلة للدكتور غازي فيصل مدير المركز العراقي، اشار الى ان تقليل الاهتمام بمنطقة الشرق الاوسط من قبل الولايات المتحدة الامريكية لا يعني الوصول الى الاهتمام (صفر) بهذه المنطقة، وانما تبقى المنطقة مهمة وذلك لارتباطها بمناطق مهمة وحيوية اخرى، كالبحر الابيض المتوسط واوربا وحلف الشمال الاطلسي، وامن البحر الاحمر والبحر العربي والحيط الهندي، وبالتالي فمنطقة الشرق الاوسط هي في قلب المناطق الجيوسياسية الحيوية، كما اشار الدكتور غازي الى ان منطقة الشرق الاوسط يوجد بها اليوم (45) قاعدة عسكرية امريكية اضافة الى وجود اكثر من (80) الف جندي امريكي موزعين فيها، قد تخفض الولايات المتحدة تواجدها العسكري هناك لكن في المقابل ستسعى الى تقوية الوكلاء والحلفاء في هذه المنطقة المهمة من العالم.
وجاءت مداخلة للدكتور الناصر دريد مستشار المركز العراقي، اشار الى ان اختلاف النخب العربية حول دور الولايات المتحدة الامريكية في هذه المنطقة ودرجة اهتمامها بها هي محل خلاف هذه النخب، ما بين نخب ترى ان الولايات المتحدة ستبقى في المنطقة لاهميتها الاستراتيجية ولن تتراجع تلك الاهمية الاستراتيجية، وما بين نخب ترى ان المنطقة تراجعت اهميتها الاستراتيجية الى الوراء في الاهتمام الامريكي وان الولايات المتحدة ستغادر هذه المنطقة في نهاية المطاف.
واشار الدكتور الناصر الى ان الولايات المتحدة ستبقى في منطقة الشرق الاوسط طالما هي لديها مكانة الدولة الكبرى او العظمى، اي كلما تضائل وتراجع دور الولايات المتحدة كدولة كبرى اوعظمى على مستوى العالم كلما انسحب ذلك التضائل والتراجع على مستوى الشرق الاوسط اكثر من اي منطقة اخرى, وبالتالي سيكون هناك انسحابا امريكيا من منطقة الشرق الاوسط بشكل تدريجي نتيجة لتراجع الدور الامريكية على مستوى العالم وهي نتيجة حتمية لانها حكم التاريخ وبالتالي لا بد من صعود قوى اخرى محل الولايات المتحدة الامريكية وهي مسالة وقت فقط، على حد وصف الدكتور الناصر.
واضاف الدكتور الناصر نقطة مهمة وهي انه متى ما تم تهديد السلم والامن الدوليين في هذه المنطقة المهمة، فان الولايات المتحدة الامريكية ستتدخل، وذلك لارتباط ذلك التهديد في هذه المنطقة بالعالم ككل لتوسط هذه المنطقة من العالم، وهذا ما لاحظناه عندما هدد تنظيم داعش ذلك السلم والامن الدوليين باحتلاله اجزاء واسعة من العراق وسوريا وكيف تدخلت الولايات المتحدة في حينها.
في نهاية الحلقة النقاشية اثنى الدكتور غازي على الحضور والمشاركة والمداخلات والدعوة لحلقات نقاشية اخرى ومواضيع مختلفة قادمة.