يتكون النظام التشريعي الثنائي من مجلسين أو غرفتين تشريعيتين، ويتطلب النظام التشريعي الثنائي موافقة أغلبية المجلسين المتزامنة لتمرير أي تشريع. ومنذ عام 2015م، أصبح انتشر الازدواج البرلماني في ثلاثة أرباع دول العالم، حيث تأخذ به معظم الدول العريقة في الديمقراطية، كفرنسا وإنجلترا وإيطاليا وبلجيكا. وتختلف صلاحيات وسلطات الغرفة الأولى أو الثانية بحسب اختلاف وتباين الأنظمة. كما يتم انتخاب أعضاء البرلمان بطرق مختلفة طبقا لاختلاف الدساتير بين الدول. ان النظام التشريعي الثنائي يشكل قاعدة جوهرية للسلطة المختلطة، حيث يتطلب سن تشريع أو قانون جديد موافقة متزامنة من كلا المجلسين.
لقد سمح ظهور المؤسسات التشريعية والفصل بين السلطات بالحد من مظاهر الحكم المطلق واستبداد السلطة التنفيذية، الذي طبع نظم العديد من الدول في العصر الحديث، وبترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، عندما يمارس البرلمان سلطة التشريع ومراقبة العمل الحكومي، ورسم السياسات العامة للدولة.
ويذهب دستور جمهورية العراق لعام ٢٠٠٥م، في تحديد السلطة التشريعية طبقا للمادة (48) وفق الآتي: “تتكون السلطة التشريعية الاتحادية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد”، ويحدد طبيعة مجلس الاتحاد طبقا للمادة (65) وفق الآتي: “يتم إنشـــاء مجلــسٍ تشـــريعـي يُدعى بـ(مجلس الاتحاد) يضم ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، وينظم تكوينه، وشروط العضوية فيه، واختصاصاته، وكل ما يتعلق به، بقانونٍ يُسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب”.
وسبق ان قدم مشروع قانون مجلس الاتحاد من رئيس جمهورية العراق د. فؤاد معصوم والتي تمت القراءة الاولى لها في جلسة مجلس النواب رقم (18) بتاريخ 22 أيلول 2014م، وبقي الموضوع معلقاً كبقية القوانين الخاصة بتطبيق العديد من مواد الدستور مما اثار العديد من المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتعطيل المواد الدستورية المهمة لتحقيق التوازن والاستقرار في النظام السياسي وتطوير الثقافة الديمقراطية البرلمانية والتعددية السياسية والفصل بين السلطات واحترام حقوق الانسان والتوزيع العادل للثروة الوطنية وضمان الشفافية والمسائلة والعدالة أمام القانون.
ففي الدول الفيدرالية، يعتبر نظام الغرفتين ضرورياً، تفرضه طبيعة النظام السياسي ثنائي التمثيل، على غرار الأنظمة السياسية الفيدرالية في الولايات المتحدة الامريكية وكندا والهند والمملكة الماليزية والمملكة المغربية وغيرها العديد من الدول الاوربية والاسيوية. إن نظام الغرفتين هو نسق مؤسّساتي يمارس فيه مجلسان مكونان بطرق مختلفة وظائف برلمانية حسب شروط يحددها الدستور والقوانين النافذة.
وإذا كانت تجربة العديد من البلدان الديمقراطية تؤكد أفضلية الأخذ بنظام البرلمان ذي المجلسين على البرلمان ذي المجلس الواحد فإن التجربة العراقية خلال السنوات المنصرمة تشير إلى ضرورة الالتزام بالدستور والانتقال إلى الثنائية البرلمانية لتطوير الجانب التشريعي وتوسيع الفرص لتمثيل الأقاليم والمحافظات، لتسوية أي المشاكل والقضايا الوطنية لتفادي وقوع أزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية وبما يكفل التعاون بين مختلف المؤسسات وتأكيداً لمبدأ الفصل بين السلطات والتشريعية والتنفيذية والقضائية لضمان الاستقرار والأمن الوطني العراقي.
د. غازي فيصل حسين
مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية