يبدو ان نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة لعام ٢٠٢١م قد افرزت واقعاً سياسيا مختلفا لعلاقات القوة السياسية في مجلس النواب القادم تميز بصورة خاصة بهزيمة التيارات السياسية والمسلحة المتطرفة، المتحالفة مع ولاية الفقيه الإيرانية، والتي أصيبت بصدمة كبيرة، واستطاعت منظمات المجتمع المدني والتنظيمات السياسية المستقلة أو التي ولدت من رحم انتفاضة تشرين للتغيير الجذري والديمقراطي وإعادة هيكلة الاقتصاد وتصفية الطبقة الاوليغارشية المسلحة التي استحوذت على المليارات من المال العام واحتكرت السلطة وقادت البلاد الى حروب دموية ولا تؤمن بالتداول السلمي للسلطة او اقتصاد السوق المفتوح.
ان فوز التيار الصدري، الذي يؤمن بأهمية حماية سيادة واستقلال العراق ورفض تدخل دول الجوار بالشؤون السيادية خصوصا الجمهورية الإسلامية لولاية الفقيه، واحترام الدستور القانون لتشكيل حكومة تحالف وطنية، بعيدا عن المحاصصة الطائفية والسياسية الشعبوية، التي اهملت الحقوق الديمقراطية والاقتصادية للمجتمع العراقي، حكومة تحالف وطني تضم الكفاءات من التيار الصدري بجانب الأحزاب العربية والكردية وغيرها من الأحزاب المستقلة أو الأحزاب التي تؤمن بالتغيير الجذري لإعادة بناء الاقتصاد العراقي في المجالين الصناعي والزراعي بجانب إعادة بناء البنية التحتية للخدمات وضمان استراتيجية وطنية للتنمية الشاملة.
ومن الملاحظ، ان استراتيجية التيار الصدري تتسم بالمرونة العالية والانفتاح على الأحزاب والتيارات الحديثة التكوين، مع دخول ٢٦٥ نائب جديد لمجلس النواب، يشكلون قاعدة محتملة للتغيير الديمقراطي، وبإمكان القوى السياسية التي لم تحقق الحصول على اغلبية مريحة في مقاعد البرلمان الذهاب لتشكيل كتلة او أكثر للمعارضة السياسية والتي من الممكن ان تلعب دورا مهما في تطوير وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة لتعزيز المنهج الديمقراطي بدلا من المحاصصة الطائفية والسياسية التي كرست ظاهرة التوافق والفشل السياسي والاقتصادي وانعدام الشفافية والمحاسبة والمسائلة القانونية.
لذا قد تتشكل حكومة تحالف ووفاق وطني تضم الأحزاب التي حققت الفوز بأغلبية مقاعد مجلس النواب وتمثل قوى التغيير، متمثلة بالتيار الصدري الذي حل بالمرتبة الاولى بواقع 73 مقعداً برلمانياً من أصل 329، وتحالف بـ37 مقعداً، والحزب الديمقراطي الكردستاني بواقع 32 مقعداً، وتمثل نحو ثلثي مقاعد الإقليم المخصصة له في البرلمان، ومن يتحالف معهم من الأحزاب والتيارات المطالبة بإجراء تغييرات جوهرية خصوصاً المرشحين المستقلين الذين قدموا أنفسهم خارج إطار الأحزاب والكيانات السياسية وفازوا في هذه الانتخابات بـ 40 مقعداً، وتبني استراتيجية وطنية لضمان الأمن والتنمية واحترام الحقوق الديمقراطية للشعب.
د. غازي فيصل حسين
مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية
