عقد المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية حلقة نقاشية، عبر ZOOM مساء السبت ٣ تموز ٢٠٢١م، تناولت طرح انعكاسات ونتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية بفوز إبراهيم رئيسي المحسوب على التيار الراديكالي المتشدد، الذي يتحكم اليوم بالسلطات الثلاث. واحتمالات تطور المواجهة بين واشنطن وطهران في حال عدم التوصل للاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني وموضوع الأسلحة الباليستية والطائرات المُسيرة وانتشار الكتائب المسلحة الولائية، المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس، وتوسع النفوذ الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن وأفغانستان.
وبعد افتتاح الحلقة النقاشية، قدم د. خالد هاشم (عمان) مستشار المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، والمتخصص بالشؤون السياسية الامريكية، مداخلة تمهيدية حول طبيعة العلاقات العراقية الامريكية وأثر الخلافات والأزمات السياسية العميقة بين واشنطن وطهران، على تحويل العراق والشرق الأوسط الى مجال للصراع بينهما، مما يعرض باستمرار الامن والاستقرار في العراق والمنطقة الى مخاطر عدم الاستقرار واستمرار الحروب والعنف وانتشار التنظيمات الإرهابية.
1. د. هاني الحديثي (المانيا) مسؤول لجنة العلوم السياسية في المنتدى العراقي للنخب والكفاءات. قدم ورقة بحثية بعنوان: “تأثير انتخاب إبراهيم رئيسي على دور الحشد الشعبي وتداعياته على الاستقرار السياسي في العراق”.
تناول عرض مخاطر تحول العراق بعد عام ٢٠٠٣م الى ساحة للصراعات الإقليمية والامريكي الإيرانية، تطور بصورة خاصة بعد قرار ترامب اغتيال الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، وقصفت طهران قاعدة عين الأسد بالصواريخ كرد على قرار واشطن.
واكد ان مشكلة العراق اليوم تتمثل بعدم قدرته على صنع القرار السياسي بصورة مستقلة، لان صنع القرار السياسي العراقي مازال يصنع في الخارج، بسبب طبيعة التدخلات الإيرانية في العراق مما سيترك تأثيره على العلاقات بين البلدين مستقبلا. واستمرار إيران في الحرب على القوات الامريكية من خلال الكتائب الولائية، مما سيخدم اهداف نظرية محو العراق، خصوصا بعد مجيء إبراهيم رئيسي الذي سيدفع الى سياسات راديكالية في العراق ومنطقة الشرق الأوسط.
2. د. خالد عبد الاله (بغداد) مستشار المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية وعميد كلية العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية. قدم ورقة بحثية بعنوان: “تداعيات انتخاب إبراهيم رئيسي على الوضع الداخلي في العراق. واعتبر فوز رئيسي يشكل أولا: عودة الى نهج نقل الثورة الى خارج ايران، وثانيا: تبني سياسة متشددة في العودة الى اتفاقية البرنامج النووي بدون تقديم تنازلات لضمان المجال الحيوي لإيران.
لماذا لا تريد إيران ان ينهض العراق؟ لقد حققت السياسة الايرانية استثمارا ناجحا لتوسيع النفوذ الاقتصادي الشامل، وعدم السماح لعودة الاقتصاد الإنتاجي للعراق وتنشيط التجارة والصناعة والزراعة، لضمان تحول السوق العراقية الى سوق للسلع والمنتجات الإيرانية. كما ستحاول إيران الاستمرار في الضغط، لإخراج القوات الامريكية من العراق، عبر توسيع العلاقات مع التنظيمات المسلحة الولائية، وتقديم الدعم المادي والمعنوي والعسكري، والعودة الى تفعيل الاتفاقيات التقليدية بين البلدين.
ماذا تريد إيران من العراق؟ إيران تريد ان يكون العراق جزء من التوازن الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط. ان فوز رئيسي يمثل هيمنة التيار اليميني المتشدد على السلطات الثلاث، لهذا تنزعج إيران من أي انفتاح للعراق نحو دول الجوار العربي، لانها ستفقد القدرة منافسة الولايات المتحدة لفرض الهيمنة السياسية والعسكرية على منطقة الشرق الأوسط. ولضمان المصالح الاستراتيجية الإيرانية في منطقة تعصف بها الازمات، قد يذهب الرئيس إبراهيم رئيسي الى التهدئة مما يتطلب تقديم تنازلات.
المطلوب بناء هوية وطنية عراقية، من اجل تحصين القرار السيادي للعراق، ووضع حد للتدخلات الواسعة من دول الجوار في الشؤون السيادية، مع ضمان انفتاح العراق على الاستثمارات والمصالح المتبادلة.
3. د. الناصر دريد (إسطنبول) مستشار المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، قدم ورقة بحثية بعنوان: “تداعيات انتخاب رئيسي على الوضع في كردستان العراق”. أكد فيها على شعور ايران بالسيطرة والقوة في العراق بعد تراجع الرد الغربي أمام التغول الإيراني. ان التوافق بين السلطات الثلاث يتطلب إيجاد حلول لملف إقليم كردستان العراق، مع اندلاع الصراع بين الإرادة الشعبية والتنظيمات المسلحة الولائية.
لقد حرصت إيران على ضمان الامن في إقليم كردستان، وبظهور داعش عام ٢٠١٤م تحركت لدعم حكومة بغداد وحكومة الإقليم عسكريا. لكن الاستفتاء على استقلال الإقليم أدى لقطع العلاقات الودية بين طهران واربيل. وجاءت انتفاضة تشرين الواسعة في مدن الجنوب والوسط الشيعية والتي رفضت الوجود الإيراني والسياسات الفاشلة لإيران وحلفائها في العراق لتشكل صدمة للقيادة الإيرانية.
كما جاء اغتيال الجنرال قاسم سليماني ليشكل تحولا في سياسة طهران نحو أربيل بقصف الكتائب المسلحة الولائية قاعدة استراتيجية في أربيل مما شكل خرقا أمنيا لإقليم كردستان، الذي قد يقسم لإقليمين: السليمانية واربيل.
وفي ختام الحلقة النقاشية قدم د. غازي فيصل حسين مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية الشكر والتقدير لجهود الباحثين المشاركين في كشف جوانب علمية مهمة في مستقبل العلاقات العراقية الإيرانية ودور الولايات المتحدة في واحد من الملفات المعقدة في الشرق الأوسط.