نشطت حملات الاغتيال السياسي لناشطي انتفاضة تشرين منذ اندلاعها عام ٢٠١٩، لا سيما بين الفاعلين والناشطين الرئيسيين، لكن حملة الاغتيالات ازدادت بوتائر متسارعة وبشكل عكسي مع خفوت الانتفاضه عقب تفشي فيروس كورونا في العراق والعالم أواخر عام 2019، والسبب الأساسي بذلك كما يبدو هو، الاستراتيجيه التي وضعتها الجهات المنفذه لمحاوله قتل الانتفاضه للحيلوله دون اشتعالها مره أخرى كما هو متوقع بسبب استمرار الأوضاع التي أدت إلى اشتعال الانتفاضه، وتمثلت تلك الأوضاع بفشل النظام السياسي في إداره الدوله، الفساد والمحاصصات الطائفيه والقوميه، تسييس الدين لاستغلاله سياسيا، انحدار السيادة أمام نفوذ الدول الأجنبيه لاسيما إيران وفي كل المجالات بلا تميز ….. الخ ).
وقد برز لأول مرة تعبير ( الطرف الثالث ) في تصريح مثير لوزير الدفاع العراقي السابق، نجاح حسن علي الشمري في حديثه لقناة فرانس 24 الفرنسيه( في اشاره منه غير مباشره للميليشيات التي تقوم بعمليات الاغتيال لناشطي الانتفاضه وفي معرض إنكاره للتهم التي انصبت علي قواته في عمليات الاغتيال، وهكذا ظهر هذا التصريح الرسمي ليوجه أصابع الاتهام بشكل واضح للجماعات المسلحه والميليشيات التي أصبحت الظاهره الأكثر بروزا في النظام السياسي العراقي الحالي لمرحله ما بعد داعش التي اخذت تعبير الفصائل الولائية) أي التي توالي إيران ومبدأ الولاية العامة للفقيه السائدة في النظام الإيراني ) تمييزا لها عن الفصائل المسلحه التي تتبع المرجعيه في النجف أو تلك التي تتبع رجل الدين السياسي مقتدى الصدر ولم يات هذا التصريح ليكشف شيئا مجهولا للعراقيين الذين كانوا يحدسون حجم التورط الإيراني وتورط أتباعها في عمليات القمع المنهجيه بالضرب والتهديد والاختطاف، بالاضافه إلى الاغتيال لكل ناشطي انتفاضه تشرين.
وقد وصل عدد عمليات الاغتيال إلى أكثر من 70 جريمه اغتيال، طالت الأسماء التي كانت أيقونات الانتفاضه أو أصبحت كذلك بعد اغتيالها مثل } صفاء السراي (ابن ثنوه) ضحى إبراهيم الجبوري، ريمون ريان سالم، جنان الشحماني، عمر الدليمي، فاهم الطائي، ريهام عبد الغفور، هشام الهاشمي، كريم الصمد عبد القدوس قاسم، إيهاب الوزني، أمجد الدهامات، علي نجم اللامي، علي حسين عبادي ( أحد أبطال الحشد الذي قاتل الدواعش وعاد للساحات التشرينيه ليستشهد مع إخوته من بقية أبطال تشرين )، حسين عادل وزوجته ساره طالب، سعاد العلي، وغيرهم العشرات.
وقد أدت موجه الاغتيالات إلى موجات نزوح جماعي لناشطين إلى خارج محافظاتهم وخصوصا في إقليم كردستان العراق أو إلى خارج العراق. أيضا وبدات بعض هذه الاغتيالات ذات طابع متحدى للحكومة برئاسه مصطفى الكاظمي مثل اغتيال الخبير الامني هشام الهاشمي الذي كان صديقا شخصيا لرئيس الوزراء وأحد مساعديه الشخصيين في الجهاز الامني، والذي يؤكد المراقبون إن اغتياله كان صفعة شخصية لرئيس الوزراء، في ما ياتي اغتيال العقيد الأمني نبراس فرمان يوم 7 حزيران الجاري كاَخر حلقات مسلسل الاغتيالات المستمر لأسباب سياسيه والذي يبدو أنه سيظل قائما طالما هناك من يعتقد أنه بالإمكان وأد إراده الشعب من خلال اغتيال رموزه.
والسؤال الذي يطرح بعد، هو: هل تستطيع الجهات المنفذه لهذه العمليات الإجراميه أن تصل إلى أهدافها فعلا من خلال عمليات الاغتيال سواء في منع ترشح هؤلاء الناشطين في الانتخابات القادمه أو من خلال إرهابهم من أجل عدم عوده الانتفاضه إلى الاشتعال من جديد …. ؟
يؤكد المراقبون إن عمليات الاغتيال أدت إلى ازدياد موجه شعبيه كبيره من الاحتجاج والغضب في داخل نفوس الجماهير أكثر مما أدت إلى شيوع الخوف كما كان يتصور منفذوا ومخططوا هذه العمليات، وبالتالي فربما نشهد اندلاع موجات جديده من الاحتجاجات، لاسيما إذا استطاعت وزاره الصحه من تأمين اللقاحات الكافيه لأفراد الشعب وبذلك ينتهي الخوف المسلط على المشاركين من احتمال العدوى بفيروس كورونا. كل ذلك مرهون بالأحداث المقبله خلال الأسابيع القليله القادمه.
د. الناصر دريد مستشار المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية