نظم المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية ورشة عمل بعنوان: “الانتخابات النيابية المبكرة القادمة “معوقات وتحديات”، عبر برنامج الزوم في 12/8/2020، برئاسة مدير المركز الدكتور غازي فيصل حسين، وشارك في هذه الورشة خبراء من ذوي الاختصاص في التشريع الانتخابي ومن أصحاب الخبرة الميدانية في مجال عمل المفوضية الانتخابية، الدكتور الناصر دريد مستشار المركز، والأستاذ سعد الراوي نائب مدير المفوضية العليا المستقلة للانتخابات السابق، والأستاذ أحمد العزاوي المختص بشؤون الانتخابات ومدير عام مكتب انتخابات ديالى سابقا، مع مداخلات من ضيوف اَخرين. وتوزعت الأوراق النقاشية على النحو الآتي:
د. غازي فيصل حسين: بعض الأفكار والمقترحات لتعزيز الانتخابات القادمة
د. الناصر دريد: جدل النظام الانتخابي وقانون الانتخابات وأثره على توجهات الكتل السياسية في الانتخابات القادمة
أ. سعد الراوي: أهم المعايير الدولية للانتخابات
أ. احمد العزاوي: التحديات الفنية للانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة 2021
إن اختيار عنوان الورشة وتوقيتها جاءا نتيجة الاهتمام اليوم بموضوع إجراء الانتخابات النيابية المبكرة، التي دعا اليها رئيس مجلس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي بعد الدعوات الى ضرورة الاصلاح والخروج بالبلاد من الظروف الصعبة التي تمر بها بسبب الفساد المالي والسياسي وعدم القدرة على تلبية مطالب الجماهير المتظاهرة.
ولقد وثقت الورشة عددا من المعوقات والتحديات المهمة التي يتطلب معالجتها قبل اجراء الانتخابات التشريعية، كقانون الانتخابات وتعديل مواده، وطبيعة عمل المفوضية العليا للانتخابات والنظام الاداري، وتأهيل المحكمة الاتحادية للمصادقة على نتائج الانتخابات، اضافة الى مشاكل اخرى لوجستية ومادية. كما حاولت الورشة ايجاد سبل لمعالجة تلك التحديات. وخرجت بعدد من التوصيات التالية:
أولا: تعديل قانون الانتخابات
1. على البرلمان العراقي الإسراع بعقد جلسة، لإقرار تعديلات قانون الانتخابات وتعديل مواده وفقراته المتعلقة بالمرشح ومكان ترشحه في المحافظة او في القضاء الذي يعتزم الترشح فيه. تعديل المادة (38) الخاصة بالعد والفرز اليدوي وعدم ترك إعادة الفرز اليدوي إلا بناء على طعون موثقة قضائيا لمنع أي فرصة للتزوير.
2. إلغاء نظام الكوتا التعويضية عملا بنص المادة (47) التي لم تتضمن الإشارة الى مثل هذه الصيغة في الدستور العراقي.
3. ضمان التمثيل الحقيقي والمشاركة الفعلية لكل مكونات الشعب العراقي طبقا لقواعد الدستور، من خلال منح كل (100) ألف مواطن مقعدا في البرلمان.
4. التخلص من المواد الغامضة لا سيما المادة (6) من مشروع قانون الانتخابات التي شابها بعض اللغط والشكوك، فالفقرة (1) جاء فيها: “تجرى الانتخابات في كركوك والمحافظات المشكوك في سجلاتها في موعدها المقرر استثناءا”، وهو لفظ مبهم تماما وغير معروف القصد منه، هل تؤجل الانتخابات الى حين تصحيح السجلات أم تجرى ومن ثم تصحح؟
5. ضرورة اشتراط ووجود البطاقة البايومترية/الحيوية، طويلة الأجل للناخب، فقد نصت المادة 5/ رابعا من القانون، الذي تم التصويت عليه، أن يكون للناخب «بطاقة ناخب الكترونية» هكذا من دون تحديد، وهو ما يعني «التحايل» للسماح باستخدام البطاقات البايومترية التي استٌخدمت في انتخابات مجلس النواب في العام 2014، ثم في انتخابات العام 2018 والتي أثبتت أنها كانت إحدى الأدوات الرئيسية للتزوير.
ثانياً: المفوضية العليا المستقلة للانتخابات
1. إبرام مذكرة تفاهم، للتنسيق بين المفوضية العليا ووزارة الداخلية، حول بيانات البطاقة الموحدة للبالغين واضافتهم الى سجلات الناخبين.
2. ضرورة اسراع المفوضية العليا، للتنسيق مع مجلس الوزراء والجهات المختصة للتعاقد مع الشركات الفاحصة الرصينة واستكمال استيراد الأجهزة الخاصة بالعد والفرز التي أتلفت نتيجة حريق مخازن الرصافة.
3. على المفوضية العليا، البدء بوضع الجدول العملياتي الخاص بها واستكمال هيكليتها والإسراع بنقل المدراء العامين الكفوئين، وفق المادة (25) من قانون المفوضية رقم (31) لسنة 2019م، وتعيين المدراء الجدد للمحافظات وإدخالهم دورات تدريبية إدارية بالتنسيق مع المنظمات الدولية والمحلية.
ثالثاً: تفعيل المحكمة الاتحادية العليا
ينصُّ الدستور العراقي لعام 2005 على أن “المحكمة الاتحادية العليا تختص بالمُصادقة على نتائج الانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب”، وأوكل دستور عام 2005 المُصادقة على النتائج النهائية للانتخابات للمحكمة الاتحادية العُليا فصادقت على نتائج انتخابات 2010 و2014 و2018.
ومع تحديد موعد الانتخابات المبكرة، ظهرت العقبة الدستورية الحالية ليس في نص الدستور الذي يشترط مصادقة المحكمة على نتائج الانتخابات، وإنما في قانون المحكمة الاتحادية العليا؛ إذ ينصُّ قانون المحكمة الاتحادية على أن “انعقاد المحكمة لا يكون صحيحاً إلا بحضور جميع أعضائها”، وعليه فالقرارات لا تصدر إلا إذا اكتمل النِّصاب. ولايتوفر النصاب الكامل اليوم بسبب إحالة القاضي فاروق سامي الى التقاعد، مما يتطلب تعيين بديل بقرار من مجلس الرئاسة بناءً على ترشيح من مجلس القضاء الأعلى. لكن المادة الثالثة من قانون المحكمة الاتحادية العليا التي تنص على ترشيح القُضاة من قِبَل مجلس القضاء الأعلى أُلغيَت في 21 مايو (أيار) 2019 من قِبَل المحكمة الاتحادية تحت مبرر أن ترشيح القُضاة لا يدخل ضمن صلاحيات مجلس القضاء الأعلى؛ كون المحكمة هيئة مستقلة.
أن الدستور العراقي واضح فيما يتعلق بالتصديق على نتائج الانتخابات من قِبَل المحكمة الاتحادية العليا، ولا يمكن إجراء أي انتخابات من دون مُصادقة المحكمة التي بدورها لا يمكن أن تُعقَد إلا بحضور جميع أعضائها وفقاً لقانون المحكمة رقم 30 لعام 2005.
كما أن قانون المحكمة الاتحادية العليا لم يُعالج آلية استبدال الأعضاء؛ ولذلك وقعت المحكمة في هذه الثغرة القانونية. أن الحل الوحيد للخروج من هذا المأزق هو تشريع قانون جديد للمحكمة ليُعالج موضوع استبدال أعضائها.
رابعاً: التوصيات العامة
1. ضمان عودة المهجرين والنازحين إلى مناطقهم لضمان الاستقرار والمشاركة وعدم المتاجرة بأصواتهم كما جرى في الانتخابات السابقة من التلاعب بالتصويت عبر استخدام هوية الأحوال المدنية.
2. حماية المراكز الانتخابية والمحافظة على صناديق الاقتراع لمنع التعرض للتزوير كما في الانتخابات السابقة، بعد أن تم استبدالها بصناديق واستمارات انتخابية أخرى.
3. أن يتم إعلان نتائج الانتخابات خلال (48) ساعة من انتهاء الانتخابات.
4. لا بد من تكاثف جميع الجهود من أجل إنجاز الانتخابات في موعدها المقرر.
5. إسراع الحكومة الاتحادية بإرسال مشروع قانون الموازنة الاتحادية لضمان تمويل الانتخابات البرلمانية المبكرة، والذي يقدر بـ ٣٠٠ مليون دولار.
6. تعمل الحكومة الاتحادية لتوفير البيئة الاَمنة لكل المرشحين وفقاً لمبدأ تساوي الفرص لجميع المرشحين وحصر السلاح بيد الدولة.
7.دعوة المنظمات المحلية والدولية للمساهمة في مراقبة مهنية فاعلة لكل الإجراءات الانتخابية لضمان النزاهة والشفافية من دون أن تكون محصورة في يوم الاقتراع فقط.