أولا : النخيب في الخارطة الإدارية للعراق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة
كانت النخيب قرية صغيرة على وادي الأُبيّض، في منطقة البادية الشمالية، وكانت تابعة لقضاء الرطبة وتبعد عنه بمسافة تصل إلى حوالي 270 كم، كما تبعد أكثر من 100 كم عن الحدود السعودية- العراقية، وتقع على بعد (400)كم جنوب غربي مدينة الرمادي وكانت على الدوام تابعة للواء الدليم (محافظة الأنبار) منذ عشرينات القرن الماضي، وقد أكسبها لموقعها الجغرافي أهمية كبيرة لوقوعها على طريق الحج البري واستراحة الحجاج إلى بيت الله الحرام.
أما من الناحية الإدارية فكانت النخيب قرية تابعة إلى ناحية الرطبة وجزءاً من (البادية الشمالية) التي تأسست على حسب نظام الإدارة الخاصة في البادية رقم 22 لسنة 1946 ويرأسها مدير مرتبط بوزارة الداخلية ومقرها في مدينة الرطبة وبلغت مساحتها (101339) كم2، ,كانت شرطتها تتبع شرطة البادية في الرطبة منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921.
واستمرت النخيب قرية إلى أن أصبحت ناحية بموجب المرسوم الجمهوري المرقم ( 596 ) في 6/10/1960، ويكون مركزها في النخيب وترتبط بقضاء الرطبة وتشغل حدودها الإدارية مساحة مقدارها 52858 كم2 وبعدد سكان تجاوز 4000 نسمة لعام 1965 وحوالي 5942 نسمة لعام 1977، ومنذ عام 1960 والنخيب ناحية تابعة إلى قضاء الرطبة في لواء الرمادي لغاية 1978 حينها ألحقت بلواء كربلاء ولمدة أربعة عشر شهراً فقط بعد الأزمة التي حدثت بين بعض وجهاء عشائر النخيب الذين ينتمون لقبيلة همزة السنية، وحكومة الرئيس العراقي أحمد حسن البكر – كان الغرض من هذا الالحاق معالجة إدارية مؤقتة، وقد انتهت في حينها – ثم أعيدت عام 1979 إلى محافظة الأنبار بموجب المرسوم الجمهوري المرقم 408 لسنة 1979 وأصبحت تابعة إلى قضاء الرطبة كما كانت سابقا، وهذه هي المدة الوحيدة التي أصبحت ناحية النخيب تابعة لغير محافظة الأنبار منذ نشوئها إلى الوقت الحاضر.
ثانيا : تاريخ بروز المشكلة
بدأت فكرة المطالبة بالنخيب وضمها إلى محافظة كربلاء بدعوى أنّ النخيب تشكل خطراً على السياحة الدينية في كربلاء، بعدما قتل 14 زائرا باكستانياً سنة 2006 كانوا قادمين من الأراضي السعودية لزيارة مراقد الشيعة في كربلاء والنجف من قبل شرطة النخيب، وكانت أولى المُطالبات الرسمية بالنخيب في 25/4/2008، حيث قال النائب عن الائتلاف العراقي الموحد حينذاك حيدر السويدي: إنّ 60 نائباً قدّموا طلباً إلى هيئة رئاسة مجلس النواب لإلغاء المرسوم الجمهوري المرقم (408) لسنة 1979 وفكْ ارتباط ناحية النخيب من قضاء الرطبة التابعة لمحافظة الأنبار وإلحاقها بمحافظة كربلاء، وأضاف حيدر السويدي أن الطلب يتضمّن إلغاء المرسوم الجمهوري وإعادة ترسيم حدود محافظة كربلاء قبل سنة 1979 وإعادة ارتباط ناحية النخيب بقضاء (عين التمر) التابع إلى كربلاء .
وفي شهر حزيران2009 دعا أحمد الجلبي، وهو أول من نبه إلى هذه القضية، إلى توسيع مساحة محافظة كربلاء، تحت ذريعة تنفيذ مشاريع استثمارية تواكب مكانتها كمركز سياحة دينية، معرباً عن اعتقاده بأنّ منطقة النخيب غربي المحافظة هي الحل المناسب لهذه الإشكالية بسبب ضيق مساحة محافظة كربلاء التي تحيطها أراض رملية تصل مساحتها إلى 3000 كم2، وأشار المحافظ إلى أنّ مساحة كربلاء الحالية تبلغ الآن 1% من مساحة العراق بعد أنْ كانت في سبعينيات القرن الماضي تبلغ 11%.
ثالثا : خطورة ضم النّخيب إلى محافظة كربلاء
هناك عدة مخاطر من وراء هذه المطالبة، تتمثل في:
1- أنّ منطقة النخيب تحتوي ثروات كبيرة ومتنوعة وخاصة النفط، ففى دراسة مستقلة أعدتها مؤسسة(IHS) الاستشارية الدولية، والتي تتخذ من ولاية كولورادو مقرا لها، كشفت أن التقديرات الحالية لاحتياطيات النفط العراقي الإجمالي قد تتضاعف مع وجود خزين هائل يفوق 200 مليار برميل تحت رمال صحراء منطقتي الرطبة والنخيب، وسلب المنطقة الغربية السنية من أي مصدر اقتصادي قادر على تأمين متطلباتها التنموية.
2- موقع النخيب الاستراتيجي في طريق الحجاج البري: تعد النخيب طريق قوافل الحج البري للعراق وإيران لتأدية مناسك الحج والعمرة، مما يضفي على المنطقة أهمية كبرى، وتمهيد الطريق أمام إيران لإقامة الهلال الشيعي كخطوة أولى على طريق القمر الشيعي.
3- السعي لتقليل مساحة محافظة الأنبار، مما يفقدها أهم خاصية تمتلكها وهي مساحتها الكبيرة في مجال التحكم بخيارات العراق السياسية والاستراتيجية المستقبلية، وهذا يمهد ويساعد في إحكام السيطرة الإيرانية على العراق بعد السيطرة على محافظة الأنبار وهو هدف استراتيجي لإيران.
خريطة من تخطيط محمد حسن الموسوي ممثل الجلبي في لندن
4- قطع الصلة بين محافظة الأنبار وعشائرها من جهة والمملكة العربية السعودية والأردن من جهة أخرى، ومحاولة تهجير (عرب النخيب) وجذور قبيلة عنزة، وإحلال سكان جدد مرتبطين بالمشروع الإيراني، من خلال فرض (طوق شيعي) حول السعودية من جهة العراق، بواسطة ربط النخيب بمحافظة كربلاء.
5- إن تنفيذ فكرة ضم ناحية النخيب إلى محافظة كربلاء، تعني أن تصبح المحافظات العراقية ذات الأكثرية الشيعية على تماس مباشر بحدود السعودية والأردن، وهذا يعني أن إيران أصبحت تملك طريقاً آمناً عبر المحافظات الشيعية في جنوب العراق ووسطه للوصول لحدود السعودية والأردن !!
6 – تسعى إيران للتحكم بملفات الحدود مع المملكة العربية السعودية وتطويقها بحزام الفتن الطائفية من جهة الجنوب عن طريق الحوثيين والشمال بعد تشييع حدودها الشمالية ةإثارة الاضطرابات في المنطقة الشرقية كي تتشتت قواها وتضعف مقدرتها على التعامل مع كل هذه المشاكل التي يمكن أن تشتعل في وقت واحد.
إن تحقيق هذه الغاية سيعمل على تسهيل النشاطات الإيرانية التخريبية ضد دول الخليج العربي والأردن، بتهريب السلاح والمخدرات، ففي 27/4/2010 تمكنت وحدة من مكافحة المخدرات في شرطة الأنبار، من القبض على عصابة من ثلاثة أشخاص – أحدهم من محافظة كربلاء، والآخرين من محافظة النجف – في منطقة النخيب تتاجر بالمخدرات، وأنه قد عثر بحوزتهم على نحو 47 ألفاً من الحبوب المخدرة إيرانية الصنع.
وكان الحادث هو الثاني من نوعه خلال ستة أشهر، حيث تم اعتقال عصابة أخرى من خمسة أشخاص في شباط 2010 لدى محاولتها ترويج 70 ألفاً من الحبوب المخدرة.