ملخص حول وقائع ندوة المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية
(( سيناريو تقسيم العراق .. رؤية نقدية!))
عقد المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية حلقة نقاشية تحت عنوان (( سيناريو تقسيم العراق .. رؤية نقدية!)) ، مساء يوم السبت الموافق 17/11/ 2007، وقد حضر الحلقة عدد كبير من الشخصيات الفكرية العراقية والعربية بضمنهم عدد من الأكاديميين من الجامعات العراقية وأعضاء من مجلس النواب العراقي.
وقد تضمنت الحلقة النقاشية عددا من المحاور وهي كما يلي:
المحور الأول
قرار الكونغرس الامريكي .. المضمون والدوافع.
سعى د. عبدا لوهاب القصاب من خلال ورقته الى عرض مضمون القرار ومن ثم تبيان ماهية الأسباب والمبررات الدافعة الى إصداره في هذا الوقت، كما قدم الدكتور القصاب رؤيته عن مدى خطأ الحسابات والمعطيات التي استند إليها المشرع الامريكي ، فضلا عن أعضاء الكونغرس الذين أيدوا القرار ، كونها استندت الى تجارب إنسانية مغايرة ، مثل تجربة تقسم يوغسلافيا السابقة الى ثلاث جمهوريات أو محاولة تفتيت الصومال وغير ها من التجارب المغايرة لواقع المجتمع العراقي، الذي لم يعرف طيلة تاريخه مواجهات عنيفة بين مكوناته الرئيسة (( العرب “سنة وشيعة” ، والأكراد)).
كما بين ان صانع القرار الامريكي يمتلك “في حالة العراق” مفردات الانطلاق ومكوناته ، ولكن الأمريكان وفي العديد من الأحيان يفتقدون الى القوى التي تكبح هذه الانطلاقة في مشاريعهم إزاء العراق .
وقد قدم الأستاذ نزار السامرائي وجهة نظره في موضوع تقسيم العراق عبر استشرافه لمستقبل الثروات الطبيعية في العراق إذا ما تم تقسيمه الى ثلاث كيانات تستند في نشوئها الى أسس مذهبية وقومية وتوصل الى نتيجة مفادها ان مواجهة مشروع التقسيم في مختلف أشكاله هو مهمة الشعب العراقي أولا ، وإذا ما تم التقسيم لا سمح الله فان لا رابح في الأمر إلا أعداء الشعب العراقي .
وقد اتفقت المداخلة التي تقدم بها د. قحطان الخفاجي مع ما سبقها من آراء في رفض سيناريو تقسيم العراق من قبل كل القوى والأطياف العراقية.
المحور الثاني:
تداعيات قرار التقسيم على مستقبل الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي في العراق.
حيث أكد الأستاذ د. غسان العطية على مدى خطورة مشروع التقسيم على الوضع السياسي والأمني في العراق ، ولكنه أكد في الوقت نفسه على مشروع أكثر خطورة من قرار التقسيم ألا وهو ما يسمى بظاهرة المحليات ، وهي ظاهرة أكثر خطورة على تماسك المجتمع العراقي وحيويته كمجتمع يتميز بطبقة وسطى مثقفة وكفوؤة ولكنها غير فاعلة سياسيا ، فالمحليات التي نشأت في العراق بعد الاحتلال استمدت أسباب وجودها واستمرارها من الطروحات المذهبية ، فضلا عن اعتمادها على التمويل الذاتي من عوائد النفط المستباحة ، وتكمن خطورة هذه الظاهرة برأي العطية، في دعمها لمشروع التقسيم لأنه يكرس مصالحها المستجدة.
وقد أبدى د. خميس البدري موافقته على ما طرحه د. العطية ولكنه ارجع الأمر الى موضوع الديمقراطية الطائفية التي اعتمدت من قبل الحاكم المدني الامريكي في العراق، والتي مهدت تدريجيا لظهور مثل هذه الطروحات حول تقسيم العراق.
وقد تضمن هذا المحور توضيح مواقف القوى السياسية العراقية الفاعلة وكان في مقدمتهم ممثل عن المجلس الأعلى الإسلامي العراقي ، وعضو مجلس النواب عن قائمة الائتلاف العراقي الموحد الشيخ حميد رشيد معلة الذي بين ان المجلس طالب بالفيدرالية كرد على الطائفية السياسية في عهد النظام السابق والتي كانت قائمة على إقصاء الكرد والشيعة. وخلال تأكيده على ضرورة تفعيل مضامين الوحدة والمصالحة الوطنية ؛ بين ان العراق ليس بحاجة الى مشروع أو إصلاح من الخارج وإن مشروع التقسيم لم يبرز في هذه الآونة إلا بسبب فشل القوى السياسية العراقية في التعايش. وإن هنالك ضمانات لتحقيق الوحدة الوطنية من بينها حب الشعب العراقي وتمسكه بوحدة العراق وهي الضمانة الأولى والاهم ، كما اعتبر من هذه الضمانات إزالة أزمة الثقة عبر مصالحة جادة تعترف بحقوق الآخر ،وإعلان ميثاق شرف للدفاع عن وحدة العراق واستقلاله وأخيرا لا بد من إيجاد مصالح مشتركة عبر شراكة سياسية حقيقية ومتوازنة .
كما بين د. آزاد عمر حسن عضو مجلس النواب عن التحالف الكردستاني، إن التحالف الكردستاني يرفض رفضا قاطعا أي مشروع يستهدف تقسيم العراق بما فيه مشروع بايدن ، وهنالك من يقول إننا بالرغم من تأكيدنا على وحدة العراق إلا إننا نعمل على تقسيمه . من الناحية العملية لماذا يختار الأكراد والسنة والشيعة دولة صغيرة تتوزع على ثلاث أو أربع محافظات وهناك ، وهناك الخطر التركي والإيراني على العراق فلماذا نوقع أنفسنا في حصار سياسي واقتصادي ،فكل ذلك لايخدم الكرد ولا السنة ولا الشيعة ،ونحن الكرد لنا في العراق عمق جغرافي كبير يمتد حوالي (500) ألف كم ، ولنا عمق بشري كبير ضمن (30) مليون نسمة هم مجموع شعب العراق، ولنا وجود ضمن اقتصاد قوي .
نحن نعلم ان الهدف من السياسة هو سعادة الإنسان العراقي ، وسعادته لا تكون بتقسيم العراق ، وبالتالي فان من مصلحة كل العراقيين الاتفاق والإتحاد والعمل من أجل العراق .
أما الدكتور صالح المطلك – رئيس الجبهة العراقية للحوار الوطني – فقد أكد على ضرورة عدم الاستهانة بمشروع بايدن لأنه دليل على ان هنالك أمرا مبيتا وقناعة تامة لدى التركيبة السياسية الأمريكية بتقسيم العراق . وطالب كل الكتل السياسية داخل وخارج العملية السياسية الى التوصل الى توافق جديد يسمح بإعادة كتابة الدستور وتصويب مواده المختلف عليها ليكون دستورا عراقيا حقيقيا .
في حين ذهب الأستاذ فالح الفياض ، عضو مجلس النواب عن حزب الدعوة ورئيس لجنة الحوار والمصالحة الوطنية في مجلس النواب العراقي ، الى ان رؤية مشروع بايدن هي رؤية متأخرة عن حقيقة الواقع الاجتماعي العراقي ، كما أوضح ان مفهوم وحدة العراق لا يعني إلغاء خصوصية المكونات التي تمثل الشعب العراقي وان مفهوم عروبة العراق لا يعني إلغاء دور الأخوة الكرد ، وعبّر عن اعتقاده الجازم بان الفدرالية حتى لو كانت مشروعا صحيحا فإنها إذا ما قامت على أساس طائفي في هذه المرحلة فستكون بمثابة مقدمة لتقسيم العراق وستؤدي الى فتنة داخلية وربما الى صراعات إقليمية .
المحور الثالث
الآثار السياسية والأمنية لتقسيم العراق على دول المنطقة
طرح فيها ل.د. عادل سليمان رؤيته الآثار السياسية والأمنية الخطيرة التي ستنجم عن تقسيم العراق الى كيانات مذهبية وقومية على دول الجوار الإقليمي ذات التكوينات الاجتماعية والمذهبية المتنوعة.ولمزيد من التفصيل نرفق طياً نسخة من البحث المذكور.
المحور الرابع
قراءة في مطالب الفيدرالية وقانون الأقاليم والمحافظات
وفي هذا المحور لفت د. عامر حسن فياض انتباه السادة الحضور الى الكم الهائل من الأخطار التي يمثلها تطبيق الفيدرالية أو قانون الأقاليم والمحافظات بصيغته الى اشرها الدستور الجديدة وفي ظل هذه الظروف غير المستقرة التي يشهدها العراق.ونرفق طياً نسخة من بحث د. عامر حسن فياض- عميد كلية العلوم السياسية /جامعة بغداد .
وقد عبر د. ظافر العاني – عضو جبهة التوافق العراقية- عن امتنانه الكبير للسيد بايدن عضو مجلس الشيوخ الامريكي الذي وحد مشاعر العراقيين من حيث لا يحتسب، وتوصل في التحليل الأخير بان تقسيم العراق ووحدته إنما هي رهينة بارداة العراقيين أنفسهم. وقال ان قيام فيدراليات مع غياب مصالحة وطنية واستقرار سياسي سيفضي الى اقتتال عنيف بين هذه الفيدراليات حول الحدود والموارد الطبيعية .
مقاصد الندوة.
سعى القائمون على المركز العراقي من إقامة هذه الحلقة النقاشية الى تعريف المواطن العراقي ابتدءا بمخاطر التقسيم التي تحيق بالعراق، والى استعراض مواقف القوى السياسية الحقيقية من قضية تقسيم العراق ، في أمسية ثقافية حرصوا على ان تجمع مجمل الآراء السياسية والانتماءات السياسية والمذهبية والقومية .
وقد خرج المؤتمرون بنتيجة مفادها ، ان العراقيين في مجملهم يرفضون أية مشاريع أو سيناريوهات قد تودي بوحدة العراق واستقلاله وسيادته .