بقلم ديفيد إجناتيوس المعلق الصحفي الشهير بالديلي ستار, السّبت، حزيران 30, 2007
ترجمة المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية …
“أحياناً يجب فقط أَنْ تَتْركَ النار تلتهب.” جورج شولتز وزير خارجية الولايات المتحدة السابق الذي خبر العمل على أنه إقتصادي صناعي شهير، وقد صرح بهذه الملاحظةِ أثناء أحد مفاوضاتِ العملِ التي كانت قد وَصلتْ الى طريق مسدودة. هذا الوصف ينطبق بشكل واضحِ على العراق. لكن السؤال هو الى أي مدى يَجِبُ أَنْ نَتْركَ العراق يستعر؟، وما هو الثمن الذي يجب أن يدفعه جيرانه؟
يُواجهُ رجالُ الإطفاء مثل هذا النوعِ مِنْ الاسئلة كُلّ يوم. فعندما تستعر النيران حقاً، يدرك الجميع بأنّ البقاء في منتصفِ الجحيمِ هو محض جنون. إنّ الخسائر المتوقعة في الأرواحَ جسيمة جداً، وان إحتمالية أن يتمكنوا من ايقاف النار ضعيفة جداً. لذا فأنهم يلجـؤون إلى الأخذ بأحد الخياراتِ الإستراتيجيةِ التالية : يُحاولونَ إحتِواء اللهيبِ، بواسطة َتْركُه يَستعر في المركزِ المتوهّجِ بينما يقومون برش أسس البناياتِ القريبةِ وأغراقها بالماء وبناء سواتر لعزل النيران والسيطرة على انتشارهاَ.
أما ما يستحيل تصوره هو أن يقوم رجل الأطفاء بلفلفة خراطيم المياه والقفز في سيارة الأطفاء ومغادرة المكان الامر الذي سينطوي على عواقب غير محمودة. قَدْ يَكُون رجل الأطفاء هذا غاضبا من الناسِ الذين سبّبوا الحريق، وقد يكونون أثبطوا عزيمته باستعانتهم أولا بمن تسبب في زيادة سوء الوضع, لكن هذا لايمكن أن يكون مبررا لترك المكان.
قد لايكون التطابق بين عمليةَ مكافحةَ الحرائق تلك وعملية معالجة الوضع في العراق تاما, ولَكن هناك نقطتان يمكن أخذهما بنظر الاعتبار خلال النِقاشَ الوطنيَ المعمق حول ما يجب أَنْ تَفعله أمريكا ُ في العراق, وهما :-
الأولى: من الواضحُ جداً ، أنه وعلى الرغم مِنْ إندفاعِ الرّئيسِ جورج دبليو بوش لزج 30000 جندي إضافيِ إلى العراق، فان القوات الأمريكية لا تَستطيعُ إيقاْف الجحيمِ الطائفيِ هناك, فالسُنّة والشيعة في العراق سَيَواصلون مقاتلة بعضهم البعض لحين تمكن أحد الطرفين من كسر الطرف الآخر، أَو أن مصالحة ما قد تحصل. الأمريكان من طرفهم يُحاولون منذ مدة الَتوسّطَ في مثل هذه المصالحةِ، لَكنّ مثل هذه المصالحة لن تحدث وفي وقتٍ قريب (وباعتقادي، نهايةُ هذه السَنَةِ)، فاننا سنستنتج بأننا نواجه حالة (هي كما قالَ شولتز) يجب عندهاُ أَنْ نَتْركَ النار تستعر.
الثانية: النار المستعرة في بغداد لا تَعْني بأي حال من الأحوال بأنّ أمريكا يَجِبُ أَنْ تَسْحبَ قوَّاتَها كليَّاً مِنْ العراق, فأن مثل هذه الخطوة ستكون من الخطورة بمكان حيث أنها ستسبب حربا طائفية يُمْكِنُها أَنْ تَبتلعَ الشرق الأوسطَ بأكمله , وكذلك أزمة إنسانية يُمْكِنُ أَنْ تَتضمّنَ ملايينَ اللاجئين، وقد ترفع سعر برميل النفط بحيث يُمْكِنُ أَنْ يصل إلى حدود 150 دولارا.
رئيس دائرة الإطفاء المفترض يجب أن يُدافعُ عن إعادة ترتيب القوات الأمريكيةِ لكي لا يعلقوا وسط الجدران المتهاوية والأخشابِ الملتهبة, وأنما يجب على القوات الأمريكية أَنْ تَستمرَّ بتَدريب القواتِ العراقيةِ لمُحَارَبَة هذا اللهيبِ, وفي نفس الوقت، يَجِبُ أَنْ يَخْلقوا مصدات للنيران كي لا تنشر الكارثة الى الغُرَفِ الأخرى في البيتِ العراقيِ, فالشمال الكردي يُمْكِنُ ابقاؤه بمنأى عن النار وكذلك الشيعةَ في الجنوب وربما الغرب السني كذلك.
الأهمّ من ذلك كله هو أن إستراتيجية الإطفاء هذه يَجِبُ أَنْ تمْنعَ هذا السعير الطائفيِ مِنْ القفز وراء الحدودِ الوطنيةِ. فالقوَّات الأمريكية والعراقية يُمْكِنُ أَنْ تَخْلقَ فراغا عازلا بإنتقال القواتِ الهامّةِ نحو حدودِ العراق – لإبْقاء جيران العراق خارج آثار الصراع، ولمَنْع القاعدةِ والمجموعاتِ الأخرى مِنْ تَصدير الإرهابِ.
يَبْقى الأطارِ الأفضل لهذه النظريةِ هو ما أورده تقرير حزبي صدر في ديسمبر/كانون الأول الماضي من قبل مجموعة دراسة العراق. فقد إقترحَ هذا التقرير إنتِقال المهمّةِ الأمريكيةِ الأساسيةِ مِنْ المعركةِ الى تَدْريب وتَجهيز الجيشِ العراقيِ. وأن المهام الضرورية الأخرى للقوات الأمريكيةِ تَتضمّنُ مُهَاجَمَة القاعدةِ، المساعدةُ على حماية حدودِ العراق وحماية المنطقةَ الخضراءَ.
يبقى هناك مُشكلة ثانيةً هي, كم هو عدد القوات الأمريكية اللازمة لهذه المهمّةِ ؟ أقل مِنْ العدد الحالي 150000، بالتأكيد. كم هي السرعة التي يمكن خلالها تخفيض هذا العددِ في السَنَة القادمة ؟ هذا سيعتمد على الوضع في العراق, هذا ما أوصت به مجموعة دراسة العراق .
لكن عندما يستقر بوش و الكونجرسِ على إستراتيجية ما بَعْدَ مرحلة الإندفاع، فأهم ما يَجِبُ أَنْ يَعطوها إياه هو الوقتَ الكافي لتحقق أهدافها, وأن أي نِقاش مستمر على التمويل للقوات الأمريكيةِ في واشنطن سَيحبطُ جانبَنا ويشجّعُ العدو. المطلوب هو التوافق بين الجميع على سياسة ثابتة في العراق.
في سبتمبر/أيلولِ المقبل سيقوم الجنرال ديفيد بترايوس، الجنرال المشرف في العراق،برفع تقرير عن تقدّم العمل ، ولَكنَّه من الواضحُ أنه لَنْ يَكُونَ قادرا على أظهار التحسنِ الكافيِ الذي سيجعل الكونجرسِ يصادق على سياسة إندفاعَ غير محدودَه.
في هذا الأسبوع أخبرَ السّيناتورُ ريتشارد لوكار الرئيس الأمريكي علناً أن العديد مِنْ الجمهوريين يَقُولونَ بشكل سري: ” أن الإستراتيجية الحالية يجب أنْ تُعدّلَ لمُجَاراة حقيقةِ السياسيةِ المحليةِ”. و بينما لوكار وجمهوريون آخرون يَتخاصمانِ مع الإدارةِ، فأن بَعْض المناهضين البارزينَ للحرب على العراق من الديمقراطيين ، مثل السّيناتورِ كارل ليفين، يَتحدّى جناح اليسار لحزبِهم برَفْض قطع التمويل للقوات الأمريكيةِ العاملة في الميدانِ, وهنا يكمن عنصر المساومةِ في الموضوع.
إنّ الأمةَ الأمريكية غاضبة جدا بخصوص العراق حيث أننا نتجاهل ما يبدو واضحا بأنه كان إنذارا مؤكدا باشتعال مدينة مجاورة. بَعْض اللهيب قد يحرق، لكن َتْركُ المكانَ لَيسَ خياراً.
Let Iraq burn, but don’t leave the scene of the fire
By David Ignatius
Daily Star staff
Saturday, June 30, 2007
“Sometimes you just have to let a fire burn.” George Shultz, a former secretary of state who was trained as an industrial economist, is said to have made that remark about labor negotiations that have reached an impasse. It applies with ever-greater clarity to Iraq. But how far should we let the Iraqi fire burn, and at what cost to the rest of the neighborhood?
Firefighters face this sort of triage question every day. When a blaze is really roaring, they know it’s crazy to remain in the middle of the inferno.
The potential loss of life is too great, and the likelihood they can stop the
fire is too small. So they make strategic choices: They try to contain the blaze, letting it burn out in the red-hot center while hosing down nearby buildings and constructing firebreaks that can check the spread.
What’s unimaginable is that a firefighter confronting a dangerous blaze would simply roll up the hoses, jump in the engine and drive away, consequences be damned. He may be furious at the people who caused the fire, and frustrated with the first engine company that let it get worse. But those aren’t reasons for abandoning the scene.
The firefighting analogy is imperfect. But it does convey two points that are worth considering as the national debate deepens over what America should do in Iraq.
First, it’s increasingly clear that, despite President George W. Bush’s surge of an additional 30,000 troops into Iraq, United States forces cannot stop the sectarian inferno there. Iraq’s Sunnis and Shiites will continue fighting until one side breaks the other’s will, or an accommodation is reached. America has been trying to broker such a reconciliation, but it isn’t happening. At some point soon (and for me, that’s the end of this year), we may have to conclude that this is a situation where, as Shultz said, you just have to let the fire burn.
Second, the red-hot fire in Baghdad doesn’t mean that America should withdraw its troops entirely from Iraq. That’s just too dangerous when the risks include a sectarian war that could engulf the Middle East, a humanitarian crisis that could include millions of refugees, and an oil price that could spike to $150 a barrel.
An imaginary fire chief would argue for redeploying American forces so that they aren’t caught in the middle of collapsing walls and blazing timbers. US troops should keep training Iraqi forces to fight this blaze. At the same time, they should create firebreaks so the disaster doesn’t spread to other rooms in the Iraqi house. The Kurdish north can be protected. So can the Shiite south. And so too, maybe, the Sunni west.
http://www.dailystar.com.lb
Most of all, a “firehouse strategy” would argue that we must keep this sectarian blaze from jumping national boundaries. American and Iraqi troops can create buffers by moving significant forces toward Iraq’s borders – to keep Iraq’s neighbors out, and to prevent Al-Qaeda and other groups from exporting terrorism.
The best framework for such an approach remains the bipartisan report issued last December by the Iraq Study Group. It proposed shifting the primary US mission from combat to training and equipping the Iraqi military. Other essential tasks for US forces include attacking Al-Qaeda, helping secure Iraq’s borders and protecting the Green Zone.
How many US troops would be required for this reconfigured mission? Less than the current 150,000, certainly. How fast that number can be reduced next year will depend on conditions in Iraq, as the Iraq Study Group recommended. But once Bush and Congress settle on a post-surge strategy, they ought to give it time to work. A continuous Washington debate over funding for US troops will demoralize our side and embolden the enemy.
What’s needed is bipartisan agreement on a sustainable Iraq policy. General David Petraeus, the commanding general in Iraq, will make a progress report in September, but it’s clear he won’t be able to show enough improvement that Congress will endorse an open-ended surge. Senator Richard Lugar told the president publicly this week what many Republicans have been saying privately: The current strategy must be adjusted to match domestic political reality. As Lugar and other Republicans break with the administration, some prominent anti-war Democrats, such as Senator Carl Levin, are defying the left wing of their party by rejecting a cutoff of funds for US troops in the field. The elements for compromise are there.
The nation is so angry about Iraq that we sometimes forget what would be obvious if it was a four-alarm blaze in a nearby city. Some fires do have to burn, but leaving the scene isn’t an option.
Syndicated columnist David Ignatius is published regularly by THE DAILY STAR.